Blog

8 سنوات على الصراع السوري

الصراع السوري… بين إعتداءات فاضحة وحقوق الإنسان!

سجّل شهر آذار/ مارس 2019 الذكرى السنوية الثامنة للصراع السوري، في حين وصول النظام السوري الى استعادة معظم أنحاء البلاد، على الرغم من استمرار الصراع. 8 سنوات على الصراع السوري.. إنتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان.. فهل هناك أمل فعلي وجديد نحو التعددية وحقوق الإنسان؟

خريطة توزيع الصراع

لا يزال الصراع مستمرا في الشمال السوري، وخاصة في محافظات إدلب وحماة وحلب، بحيث تم نقل غالبية القتال الى تلك المناطق. وتستمر الهجمات بين الجيش العربي السوري من جهة، وجيش تحرير الشام من جهة أخرى، على طول محور حماة – إدلب.
وشهد شهر آذار/مارس أيضًا المرة الأولى شن غارات جوية على مقاطعة إدلب من قبل السلاح الجو الروسي، حيث افادت التقارير أن هذه الغارات دمرت مستودع أسلحة كبيرًا تابعًا لجيش التحرير الشام، إلى جانب جزء من سجن إدلب المركزي.
ورداً على هذه الغارات الجوية، أطلق المعارضون الجهاديون عدة صواريخ باتجاه مدينتي اللاذقية وطرطوس، وهي المرة الأولى التي يقومون فيها بذلك هذا العام.

اما في جنوب سوريا، فقد ظهرت خلايا نائمة تابعة للجيش السوري الحر في المحافظات الجنوبية درعا والقنيطرة. وقد دفع هذا الجيش العربي السوري إلى إرسال تعزيزات إلى المنطقة من أجل إخماد هذه الهجمات. فباستخدام معظم القنابل المزروعة على الطريق والهجوم بالبنادق، قامت خلايا الجيش السوري الحر النائمة مرارًا بالهجوم على مواقع الجيش العربي السوري في جنوب سوريا.

مشاهد من الحرب السورية

مشاهد من الحرب السورية

وفي شهر آذار/مارس، تمكن الجيش السوري الحر من قتل أكثر من عشرة جنود من الجيش العربي السوري، بينما أصيب أكثر من عشرين آخرين. أرسل الجيش العربي السوري تعزيزات إلى درعا والقنيطرة استعدادًا لعملية جديدة للقضاء على هذه الخلايا النائمة من هذه المحافظات.

اما في الشرق السوري، فحدث أكبر تغيير إقليمي عندما تمكنت القوات الديمقراطية السورية من الاستيلاء على آخر مواقع الدولة الإسلامية “داعش” في منطقة الباغوز. مدعومة بالغارات الجوية الثقيلة من الولايات المتحدة، انخرطت قوات التحالف السورية وشركاؤها في معارك عنيفة مع الدولة الإسلامية في معسكر باغوز وضواحيها، المعارك التي اسفرت عن عشرات القتلى يوميا من مقاتلي الدولة الإسلامية وأفراد عائلاتهم.

مشاهد من الحرب السورية

مشاهد من الحرب السورية

هذا الأمر فرض على مقاتلي الدولة الإسلامية الإستسلام للقوات الديمقراطية السورية خارج معسكر باغوز، وموافقة تنظيم الدولة الإسلامية على تسليم معسكر باغوز في نهاية الشهر، مع فرار بعض المقاتلين إلى جبل باغوز.

في الغرب السوري، تعرضت المناطق للقليل من العنف في شهر آذار/مارس، على الرغم من بعض المحاولات من قبل جيش تحرير الشام لإطلاق الصواريخ باتجاه اللاذقية وطرطوس.

إنتهاكات فاضحة وعنف جنسي

على منحى آخر، تقارير جديدة صدرت تفيد بإن القوات السورية تستخدم العنف الجنسي الواسع لإذلال السجناء وإسكاتهم.
في تقرير لصحيفة الواشنطن بوست قالت فيه أن علماء النفس ومجموعات المراقبة افادوا ان القوات الحكومية السورية تستخدم العنف الجنسي على نطاق واسع لإذلال السجناء الذكور وإسكاتهم، مما يعد حالة نادرة لمناقشة أشكال سوء المعاملة بين الناجون.

فبعد مرور ثماني سنوات على بدء االصراع السوري، لا يزال هناك أكثر من 100000 محتجز مجهولي المصير، يقبع معظمهم في سجون الحكومة السورية. ووفقًا للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، فإن التعذيب وسوء المعاملة كبير تجاه هؤلاء المحتجزين.
وقالت الصحيفة في تقريرها ان العديد من أشكال الإيذاء موثقة جيدًا، فالرجال الذين يخرجون من سجون الحكومة السورية – غالبًا بعد سنوات من الإهمال في ظلام شبه كامل – نادراً ما يناقشون مستويات العنف الجنسي الذي واجهوه، وفي ظل توفر مساعدة نفسية قليلة للناجين.

مشاهد من الحرب السورية

مشاهد من الحرب السورية

ووفقا لتقرير صدر عن المحامين والأطباء من أجل حقوق الإنسان، وهي جماعة حقوقية سورية، استخدمت قوات الأمن الاغتصاب والتعقيم القسري، فضلاً عن ربط وحرق وتشويه الأعضاء التناسلية للرجال، لإجبارهم على الاعتراف.
وقالت المجموعة أن الانتهاكات حدثت عند نقاط التفتيش وفي رحلات إلى السجن وداخل غرف التحقيق بحيث قال العديد من الرجال إن سجانيهم أدخلوا خرطوم مياه في المؤخرات وفتحوا الصنبور، مما تسبب في انتفاخ أجساد السجناء.
ليس هناك إحصاءات دقيقة عن حجم الاعتداء الجنسي داخل الحجز السوري، وذلك جزئيًا بسبب إنتشار الناجين في جميع أنحاء العالم. وغالباً ما يتردد المعتقلون السابقون في الإبلاغ عن مثل هذه الإساءات، لا سيما عندما ينتمون إلى مجتمعات محافظة يكون فيها مناقشة العنف الجنسي من المحرمات.
ووصف تقرير المحامين والأطباء من أجل حقوق الإنسان انه بين 138 رجلاً، أكثر من 40 في المائة منهم عن شكل من أشكال الاعتداء الجنسي. ليرتفع هذا الرقم إلى ما يقرب 90 في المئة عند وصف حالات العري القسري التي أمر بها حراس السجن.
وقالت المجموعة من الناجين: “أن ما تم الكشف عنه هو عنف جنسي واسع النطاق ووحشي ضد السجناء السياسيين السوريين عبر الزمن، وأجهزة الأمن الحكومية ومراكز اعتقالهم”. وكانت الشهادات مصحوبة بتقييمات طبية.
في مقابلات اجرتها الواشنطن بوست، وصف العشرات من الرجال الذين كانوا محتجزين سابقًا في السجون الحكومية، وخاصة في دمشق، كيف أُمروا بخلع ملابسهم قبل تعرضهم للضرب المبرح، أو كيف أمضوا أيامًا وهم يرقدون عراة إلى جانب سجناء آخرين في زنزانات مكتظة وبائسة، فيما أبلغ آخرون عن أشكال شديدة من الاعتداء الجنسي تتضمن أدوات ميكانيكية أو أشياء حادة.

وسجل علماء النفس في غازي عنتاب، وهي مدينة تقع في جنوب تركيا ومركزًا للسوريين الفارين من الحرب، حالات انتحار يعتقدون أنهم مرتبطون بالإيذاء الجنسي الذي يتعرضون له في حجز الحكومة السورية.
وقال جلال نوفل، طبيب نفسي سوري يعمل مع معتقلين سابقين في غازي عنتاب: “هؤلاء القادمين من المجتمعات المحافظة، غالبًا ما يتركون الشعور بالدمار والإهانة كرجال”. “المرضى الذين نراهم غالباً ما يعتقدون أنهم لا يستطيعون التعافي من ذلك”، قائلا “لم يتحدث رجل من دوما إلى أسرته لمدة ثلاثة أيام بعد عودته، ثم قتل نفسه. لقد تعلمنا قصته كاملة فقط من زملائه بعد وفاته “.

ونشرت منظمة “أطباء بلا حدود” تقريرا تقول فيه انه من بين الناجين من العنف الجنسي من 61 دولة طلبوا المساعدة بين عامي 2004 و 2014، كان 5 في المائة منهم فقط من الرجال، ذلك ما يؤكد على عدم ارتياح الرجال في الحديث عن الإعتداءات الجنسية.
كما نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرا يوثّق 357 حالة اعتقالات تعسفية على الأقل في شهر آذار/مارس، بما في ذلك 162 حالة من حالات الاختفاء القسري.

مشاهد من الحرب السورية

مشاهد من الحرب السورية

وفي تقارير سابقة، قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ان ضحايا سوريون كشفوا عن تعمد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، ممارسة الوحشية والتلقين العقائدي، موثقة روايات مفزعة عن ممارسة الجماعة المسلحة، من أجل إخضاع السوريين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، وعن ممارستها للعنف المفرط ضد كل من المدنيين والمقاتلين المأسورين.

وعمدت الجماعات على إجراء عمليات الإعدام وبتر الأعضاء والجلد في الأماكن العامة وأمام الناس لتصبح صورة إعتيادية. فعرض الجثث المشوهة لم يسفر إلا عن زيادة ترهيب السوريين، وبصفة خاصة الأطفال، وزيادة شعورهم بالصدمة.

وسعى التنظيم إلى استبعاد النساء والفتيات من الحياة العامة، فقُتلت نساء، بالرجم غالباً، لاتصالهن بأشخاص من الجنس الآخر فرض التنظيم لوائح خاصة لما يجب أن ترتديه النساء ومع من يمكنهن التعامل اجتماعياً وأين يجوز لهن العمل.

وجُمعت روايات مفجعة عن حالات تزويج قسري لفتيات لا يتجاوز عمرهن 13 سنة لمقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. ويتحدّث التقرير بالتفصيل عن الإيذاء المريع الذي ألحقه التنظيم بالنساء والفتيات اليزيديات اللواتي أُخذت بعضهن، بعد اختطافهن في العراق في أيلول/سبتمبر 2014، إلى سوريا وجرى بيعهن لأغراض الاسترقاق الجنسي في أسواق في مواقع في جميع أنحاء محافظة الرقة.

وكان الأطفال أيضاً ضحايا عمليات إعدام قام بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ومرتكبين لهذه العمليات وشهوداً عليها. وتستخدم الجماعة المسلحة التعليم كأداة تلقين عقائدي، توجه فيه دعاية إلى الأطفال بغية تنشئة جيل جديد من المجندين.

فكان التنظيم يجمع الأطفال في مدينة الرقة، لمشاهدة عروض أشرطة فيديو تُظهر عمليات إعدام جماعي لجنود حكوميين، وتبدد حساسيتهم فيما يتعلق بالعنف المفرط. كما أجبر التنظيم الأقليات إما على الإندماج بدينهم وإما الفرار.

بالإضافة الى المدنيين، قام تنظيم “داعش” بالإعتداء على الصحفيين ونشطاء كانوا يحاولون إيصال المعاناة اليومية للذين يعيشون تحت هيمنتها. فاختُطف واختفى وعُذب وأُعدم العشرات منهم.

ولم تقتصر التجاوزات للجماعات المسلحة على الإذاء الجنسي وحسب، بل تخطتها للإذلال والتعامل مع المدنيين كالحيوانات، بحيث قام “جيش الإسلام” بتوزيع مئة قفص داخلهم بالأسرى في غوطة دمشق بهدف “ردع النظام عن قصفها”، وحاصروا المدنيين في المدن كما حصل في نبّل والزهراء، الزبداني، مضايا واليرموك، وكفريا والفوعة، حيث بقيت البلدتين الأخيرتين تحت الحصار لمدة ثلاث سنوات ونصف، الى حين وصل الى ما سمي بإتفاقية المدن الأربع وتهجير أهالي الزبداني ومضايا.

تقارير سابقة

شاهد: سوريا: شهود لأجل الملاحقة القضائية
شركاؤنا في المعهد السوري للعدالة يأخذون فيديوهات المواطنون ويستعملونها لبناء ملفات قضايا عن المذابح وعن انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، حتى تُقدم فيما بعد أمام هيئات مثل آلية العدل الدولية المستقلة الحيادية في سوريا واختصارها (IIIM)، هيئة أسستها الأمم المتحدة من أجل تحليل أدلة جرائم الحرب في سوريا.
“لدينا نشطاء في كل مكان في سوريا، والتواصل معهم يتم كل يوم”، حسب كلام سعيد سعيد لـ”ويتنس” والذي يعمل لدى المعهد السوري للعدالة.
“على مر السنين، قد شكلنا ملفات قضايا ضد مذبحة النهر في عام 2013 والإعدامات الميدانية في حق النساء، والعنف القائم على الجنس.”
بالإضافة إلى توثيق جرائم الحرب، أخذت منظمات أخرى مثل رابطة المحامين السوريين الأحرار على عاتقها تنظيم عيادات قانونية، والتحكيم في برامج فض المنازعات في المناطق المُحررة لمواجهة نظم “العدالة” التي تؤدي نفس الغرض والتي أسستها الجماعات المسلحة. مؤخراً، قاموا بالتحالف مع مركز سيادة القانون وحسن إدارة الحكم من أجل جمع أكثر من 100 محامي من جهات مختلفة ومنظمات المجتمع المدني إلى اسطنبول لمناقشة الحلول للتحديات القانونية التي تواجه العدالة في سوريا.

مشاهد من الحرب السورية

مشاهد من الحرب السورية

“إننا نواجه الكثير من التحديات بالعمل داخل سوريا، ما زال الوضع في منتهى الخطورة، كما أن مراكزنا في الأتارب وحلب قد تعرضت للتدمير مرتين!” هذا على لسان ضياء الرويشدي، أحد مؤسسي رابطة المحامين السوريين الأحرار.
ويواصل الحديث، “على المستوى الدولي، هناك بيروقراطية لا ضرورة منها. إن التغيرات في البيئة السياسية قادرة على أن تترك الأثر البالغ على العمل القانوني – إننا نؤمن بـ(IIIM)، لكننا نأمل أن تكون البيروقراطية بها أقل من تلك الموجودة في الأمم المتحدة، حيث أن ذلك يُحمّل منظمات المجمتع المدني فوق طاقتها.”

إن السوريين الذين في شتات لم ينقطعوا عن العمل هم الآخرين. شركاؤنا في الأرشيف السوري يعملون بكدّ على التحقق من صحة مقاطع الفيديوهات وأرشفتها والتي تأتي من النشطاء الموجودين في أرض الميدان، ويعملون على تنظيم وحفظ الأدلة الضرورية على جرائم الحرب.
مؤخراً، اضطروا لتكريس وقتهم وطاقتهم لإيجاد حل لأزمة حيث أن موقع يوتيوب قام بحذف عشرات الفيديوهات التي توثق جرائم الحرب من خوادمه، ماحياً بذلك واحداً من أكبر أرشيفات جرائم الحرب على الإنترنت وأغناها بالمعلومات عن الربيع العربي في الوجود. على مدار الشهور الأخيرة، عمل الأرشيف السوري على استعادة بعض تلك الأرشيفات، والأهم من ذلك، عمل نسخة احتياطية آمنة لتلك الفيديوهات لضمان توفرها عندما يأتي اليوم الذي يقف فيه النظام السوري في قاعة محكمة.

“الكثير منّا اضطر بغتةً أن يتعلم كيفية استخدام تلك الصور والفيديوهات، بسبب ما حدث في سوريا” على لسان عبدالرحمن جلود، الذي يعمل مع الأرشيف السوري، في حديثة مع “وتنس”. “لكننا الآن نعمل على بناء قضايا قانونية، ونحاول أن نقدمها في المحاكم في أوروبا. على الرغم من كل شيء، هذا الأمر يرفع من آمالي كثيراً.”

وبعد 8 سنوات على الصراع السوري.. إنتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان. عمل شركائنا الدؤوب الشجاع في سوريا كان له دور جوهري في تثقيف دليلنا “الفيديو كدليل”، والذي بات الآن متوفراً للتحميل في كلا اللغتين الإنجليزية والعربية. كما أنه ألهم أبحاثنا على المشهد القانوني للفيديو كدليل عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي نتج عنها دليل شامل، متوفر للتحميل باللغتين العربية والإنجليزية، من هنا.

 

 

 

 

 

 

 

 



النشرة الإخبارية

مرحبا بكم في النشرة الإخبارية لمنطقة ويتنس و برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا!

.تلقى الأخبار والتحديثات عن اعمالنا في الشرق الأوسط !جنبا إلى جنب مع موارد عملية للتصوير، وتبادل وحفظ الفيديوهات في مجال حقوق الإنسان
.نحن لن نشارك بريدك الالكتروني مع طرف ثالث

الاشتراك

WITNESS Newsletter