Blog

الفيديو كدليل والربيع العربي: سبعة أعوام حتى الآن

متاح أيضا باللغة الإنجليزية.

لم يمضِ وقت طويل على انتشار أول مقاطع فيديو ذات الصورة المهزوزة على الإنترنت والتي كانت تصور انتفاضة العرب.

في البداية، كان الشباب التونسي- يتظاهرون للمطالبة بحقوق الشباب مثل الشاب محمد بو عزيزي الذي كان يبلغ من العمر 26 ربيعاً، والذي أشعل النار في نفسه بعد أن قُبض عليه لبيعه الفاكهة، والذي كان السبيل الوحيد أمامه ليجني منه لقمة عيش يعيل بها عائلته. بعد ذلك بعدة أيام، بدأ المصريون بمشاركة صور لخالد سعيد – شاب مات أثناء احتجاز الشرطة له في الاسكندرية، حيث عذبته الشرطة حتى الموت لحيازته على دليل فيديو أثبت تورط الشرطة في صفقة مخدرات. أظهر الفيديو دليلًا على الفساد؛ حيث أظهرت تلك الصور التعذيب الوحشي الذي كان يُرتكب على يد النظام. كلاهما كانا مصدر إلهام لحركة تسببت في إنهاء حكم حسني مبارك الذي استمر لثلاثين عاماً وفي بزوغ فجر جديد على مصر.

سرعان ما تبعت ليبيا والبحرين واليمن وسوريا نفس الطريق. شباب يصورون المظاهرات على هواتفهم- ويشاركونها فيما بعد على وسائل التواصل الاجتماعي كدعوة لاتخاذ إصلاحات- الأمر الذي بات واسع الانتشار حتى أن مصطلحات مثل “مظاهرات الفيس بوك” و”ثورات تويتر” انتشرت لتكون وصفًا للانتفاضات ذات الطابع التكنولوجي.

لكن عاجلًا ما صار لهذا النوع من التوثيق دوراً آخر ليؤديه. فعندما بدأت الأنظمة بقمع المظاهرات، اتخذ كثير من الناشطين كاميراتهم وسيلة لتصوير قوات الأمن وتوثيق استخدامهم للغاز المسيل للدموع والضرب بالإضافة إلى الطلقات، الأمر الذي أدى إلى وقوع إصابات وقتلى في صفوف أشقائهم في الوطن. كصور جسد خالد سعيد المشوه، مقاطع الفيديو التي لاقت رواجاً كبيراً وكانت فيما مضى عاملاً محفزاً للثورات التي لم تعد تهدف إلى المطالبة بالتغيير وحده؛ لكنها كانت تطالب بمحاسبة المسؤولين كذلك.

بعد مضي سبعة أعوام، بات من الصعب تذكر التفاؤل الذي كان الوقود المحرك للحركة حول المنطقة. خلّف موت الدكتاتور الليبي معمر القذافي فراغاً سياسياً تحول إلى فوضى تحكمها الميليشيات. المصريون – الذين ابتكروا “مظاهرات الفيس بوك” صاروا الآن يواجهون مراقبة الإنترنت ورقابة بالغة الشدة لدرجة أن العديد باتوا يحذرون من التواصل – ناهيك عن التنظيم – باستخدام مواقع الانترنت. ثورات اليمن وسوريا تحولت إلى حروب شاملة.

رغم كل ذلك، تبقى أهمية التوثيق مستمرة. قضى الناشطون السوريون الأعوام السبعة المنصرمة يوثقون قمع النظام لمظاهراتهم – وتبع هذا البراميل المتفجرة وهجمات الأسلحة الكيماوية وغيرها من مذابح- الآن يُنظر في شأنها من قبل وسائل الإعلام الدولية ومنظمات حقوق الإنسان للتحقق من كون مقاطع الفيديو التي يصورونها تصلح لأن تكون جزءاً من السعي لدعم تشكيل التحقيقات وتوكيل المحامين، وفي النهاية محاسبة مجرمو الحرب على ما فعلوه.

لكن الناشطين ليسوا وحدهم من يستخدمون مقاطع الفيديو لصالحهم. فقد استخدمتها الحكومات لتشويه صورة الناشطين- مثل ما فعلته إحدى المحاكم المصرية عندما عرضت فيديو لزوجة الناشط المصري علاء عبد الفتاح والذي ظهرت فيه وهي ترقص في منزلهم ليوجهوا له تهمة المشاركة في اشتباكات بين المواطنين أمام مبنى مجلس الشورى أثناء مظاهرات وقعت في عام 2013. كما أن الجماعات المتطرفة مثل الدولة الإسلامية المزعومة قامت برفع العديد من مقاطع الفيديو لجماعتهم وهم يقطعون رؤوس المدنيين وينهبون قطع أثرية قديمة من سوريا.

كنتيجة لذلك، نحن غارقون في بحر من مقاطع الفيديو المصورة – فعلى موقع يوتيوب، طول مدة مقاطع الفيديو التي توثق الصراع السوري يفوق مدة الصراع السوري نفسه. الأمر الذي تجاوز الحد؛ مما دفع بموقع يوتيوب إلى محاولة توصيف – وفي بعض الحالات – حذف المحتوى الذي يغلبه العنف، وهذه سياسة لاقت معارضة من الكثير من الناشطين ومن ضمنهم شركاؤنا، الأرشيف السوري. إذًا، كيف لنا نحن المواطنون الذين يبحثون عن العدالة ومحاسبة المسؤول، أن نعثر على الأمور الهامة في هذا المحتوى المصور ونتأكد من صحة المعلومات التي نأمل أن نثبتها، وبعدها نحرص على أن تكون في الأيدي الأمينة بطريقة آمنة تعود بثمارها في النهاية؟

الفيديو كدليل

تطلق ويتنيس اليوم ترجمة للغة العربية لموارد “الفيديو كدليل” خاصتنا، دليل من ثلاثة عشر جزءاً مبني على مقابلات مع محامين ومصوري فيديو وخبراء تقنيين والذي يعرض بالتفصيل كيفية استغلال الفيديو المصور كدليل يصلح استخدامه في تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين في قاعة المحكمة.

في البداية، يوضح الدليل تشريح الجريمة وأنواع الأدلة التي يحتاجها المحامون لإقامة القضايا. بعد ذلك، يعرض بالتفصيل كيفية التصوير مع اعتبار ما سلف، حيث يصف كيفية إجراء مقابلة مع شاهد أو أحد الناجين، وكيفية التصوير بطريقة آمنة وفعالة جداً. في النهاية، يتعرض لوصف كيفية التعامل مع هذا المحتوى المصور – بضمان تشفيره بمعلومات وصفية مفيدة، ثم إيصاله إلى الأيدي الأمينة بطريقة آمنة ومضمونة.

علماً بأن هذا الدليل موجه لمختلف أنواع الناس في العديد من الدول المختلفة وفي ظروف مختلفة، فليس الهدف منه أن يقدم وصفاً دقيقاً لكيفية التصوير أو التعامل مع محتوى الفيديو المصور. لكل دولة نظام قانوني يختلف عن غيرها – وفي بعض الدول، حيث الحرب والمراقبة المشددة كانت سبباً في تشكيل الطرق التي يستخدمها الناشطون لتوثيق الأحداث، فإن بعض أجزاء هذا الدليل ستتطرق لمواضيع أكثر صلة بذلك من غيرها. من خلال أبحاثنا، قد لاحظنا أن النظم القانونية حول العالم كانت ولا تزال غير مجهزة إلى حد كبير للتعامل مع تدفق محتوى الفيديو المصور الذي صار ممكناً بفضل تقنيات الهواتف الخلوية الحالية. كنتيجة لذلك، ما زالت لم تتحقق قوة المواطنين الشهود لالتقاط الفيديو سعياً للتغيير الاجتماعي. هدفنا هو أن يقوم دليلنا الميداني “الفيديو كدليل” بسد تلك الثغرات؛ حتى يتسنى للمواطنين والناشطين والمحامين التعاون سوياً لاستخدام مقاطع الفيديو تلك لتحقيق التغيير.

“بدون وجود المدافعين الشجعان عن حقوق الإنسان على أرض الميدان، لن يحوز المحامون على الدليل الذي يحتاجونه لضمان تحقيق العدالة،” وفقًا لقول كيلي ماثيسون، كبيرة المحامين في ويتنيس، وهي تشرح النهج  متعدد الاختصاصات لصناعة مثل هذه الموارد.

“بدون المحامين المختصين الذين هم على استعداد لاستخدام أدلة الفيديو لبناء ملفات القضايا وتوجيه التهم، فإن مقاطع الفيديو التي تُجمع غالباً تحت خطر داهم يمكن أن يكون مآلها الإهمال والتجاهل. فكل من الناشطين والمحامين في حاجة إلى بعضهم بكل بساطة.”

يُرجى مشاركة هذا المورد مع غيرك وبلغنا عن أي أسئلة لديك هنا في التعليقات أو على مواقع التواصل الاجتماعي.



النشرة الإخبارية

مرحبا بكم في النشرة الإخبارية لمنطقة ويتنس و برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا!

.تلقى الأخبار والتحديثات عن اعمالنا في الشرق الأوسط !جنبا إلى جنب مع موارد عملية للتصوير، وتبادل وحفظ الفيديوهات في مجال حقوق الإنسان
.نحن لن نشارك بريدك الالكتروني مع طرف ثالث

الاشتراك

WITNESS Newsletter