Blog

سبع سنوات على سوريا: توثيق وأرشفة الأدلة

في نظر أولئك الذين يتابعون أخبار الثورة السورية، مارس/آذار شهر حلو تشوب حلاوته المرارة. فهو الشهر الذي رسم فيه مجموعة من طلاب المدارس للمرة الأولى الشعب يريد إسقاط النظام” – نداء الثورة الذي تردد صداه في أرجاء العالم العربي- على إحدى صوامع الغلال فى درعا جنوبي غرب سوريا .عندما أُلقي القبض عليهم، لبى نداءهم الألوف المؤلفة في حلب وفي دمشق وفي سائر البلدان، يطالبون بإسقاط النظام بسياساته الغاشمة من اعتقال تعسفي وحبس لكل من يجرؤ على التعبير عن رأيه.

بعد مضي سبع سنوات، ها هو شهر مارس/آذار يحل علينا من جديد ومشهد المطالب الأصلية للثورة يبدو كئيباً. منذ أن نزل المتظاهرون إلى شوارع  درعا ومن ثم دمشق وبعدهما إلى حلب قبل سبع سنوات، مطالبين بالإفراج عمن اعتُقل من أصدقائهم وأقاربهم وسُجنوا دون سبب مشروع، وبدلاً من تحقيق ذلك، أُعدم ما يزيد عن 13000 إنسان داخل سجون بشار الأسد. بينما كان النزاع سبباً في مقتل ما يزيد عن 465000 شخص وتهجير 12 مليوناً غيرهم، من حين إلى حين ظفرت المعارضة بالنصر على نظام بشار الأسد، وفرضت سيطرتها على مدن ومناطق كبرى في أنحاء البلاد، وشكلت مجالس محلية في سبيل تطبيق رؤيتها على البلاد، على أمل أن يأتي اليوم المُنتظر الذي سيطيحون فيه بالنظام.

منذ ذلك الحين، والنظام يرد على ذلك منتقماً، باسترداد قرىً ومدناً بلا رحمة، مرتكباً مجازر في حق المدنيين الذين هرب البعض منهم للنجاة بحياتهم. خلال الشهر الفائت، أكثر من 400000 مدني في الغوطة الشرقية كانوا آخر من وقعوا ضحيةً لإحدى عمليات القصف المدفعي الشهيرة للنظام السوري، والتي راح ضحيتها أكثر من ألف روح واسترداد نصف ضواحي دمشق بكل عنف.

رغم ذلك، فإن السوريين – سواءً الموجودين في سوريا أو تركيا أو ألمانيا أو السويد أو الولايات المتحدة – يرفضون الاستسلام عن النضال في سبيل تحقيق العدالة. مهما شهدوا من أهوال تفجيرات – قد نجوا منها – إلا أن النشطاء والباحثين الميدانيين ما زالوا يهرعون صوب مشهد كل حادثة تقع، مسجلين الأدلة ومصورينها، ومدونين اسم كل قتيل أو مصاب.

شاهد: سوريا: شهود لأجل الملاحقة القضائية

شركاؤنا في المعهد السوري للعدالة يأخذون تلك الفيديوهات ويستعملونها لبناء ملفات قضايا عن المذابح وعن انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، حتى تُقدم فيما بعد أمام هيئات مثل آلية العدل الدولية المستقلة الحيادية في سوريا واختصارها (IIIM)، هيئة أسستها الأمم المتحدة من أجل تحليل أدلة جرائم الحرب في سوريا.

“لدينا نشطاء في كل مكان في سوريا، والتواصل معهم يتم كل يوم”، حسب كلام سعيد سعيد لـ”ويتنس” والذي يعمل لدى المعهد السوري للعدالة.

“على مر السنين، قد شكلنا ملفات قضايا ضد مذبحة النهر في عام 2013 والإعدامات الميدانية في حق النساء، والعنف القائم على الجنس.”

بالإضافة إلى توثيق جرائم الحرب، أخذت منظمات أخرى مثل رابطة المحامين السوريين الأحرار على عاتقها تنظيم عيادات قانونية، والتحكيم في برامج فض المنازعات في المناطق المُحررة لمواجهة نظم “العدالة” التي تؤدي نفس الغرض والتي أسستها الجماعات المسلحة. مؤخراً، قاموا بالتحالف مع مركز سيادة القانون وحسن إدارة الحكم من أجل جمع أكثر من 100 محامي من جهات مختلفة ومنظمات المجتمع المدني إلى اسطنبول لمناقشة الحلول للتحديات القانونية التي تواجه العدالة في سوريا.

“إننا نواجه الكثير من التحديات بالعمل داخل سوريا، ما زال الوضع في منتهى الخطورة، كما أن مراكزنا في الأتارب وحلب قد تعرضت للتدمير مرتين!” هذا على لسان ضياء الرويشدي، أحد مؤسسي رابطة المحامين السوريين الأحرار.

ويواصل الحديث، “على المستوى الدولي، هناك بيروقراطية لا ضرورة منها. إن التغيرات في البيئة السياسية قادرة على أن تترك الأثر البالغ على العمل القانوني – إننا نؤمن بـ(IIIM)، لكننا نأمل أن تكون البيروقراطية بها أقل من تلك الموجودة في الأمم المتحدة، حيث أن ذلك يُحمّل منظمات المجمتع المدني فوق طاقتها.”

إن السوريين الذين في شتات لم ينقطعوا عن العمل هم الآخرين. شركاؤنا في الأرشيف السوري يعملون بكدّ على التحقق من صحة مقاطع الفيديوهات وأرشفتها والتي تأتي من النشطاء الموجودين في أرض الميدان، ويعملون على تنظيم وحفظ الأدلة الضرورية على جرائم الحرب. مؤخراً،  اضطروا لتكريس وقتهم وطاقتهم لإيجاد حل لأزمة حيث أن موقع يوتيوب قام بحذف عشرات الفيديوهات التي توثق جرائم الحرب من خوادمه، ماحياً بذلك واحداً من أكبر أرشيفات جرائم الحرب على الإنترنت وأغناها بالمعلومات عن الربيع العربي في الوجود. على مدار الشهور الأخيرة، عمل الأرشيف السوري على استعادة بعض تلك الأرشيفات، والأهم من ذلك، عمل نسخة احتياطية آمنة لتلك الفيديوهات لضمان توفرها عندما يأتي اليوم الذي يقف فيه النظام السوري في قاعة محكمة.

“الكثير منّا اضطر بغتةً أن يتعلم كيفية استخدام تلك الصور والفيديوهات، بسبب ما حدث في سوريا” على لسان عبدالرحمن جلود، الذي يعمل مع الأرشيف السوري، في حديثة مع “ويتنيس”. “لكننا الآن نعمل على بناء قضايا قانونية، ونحاول أن نقدمها في المحاكم في أوروبا. على الرغم من كل شيء، هذا الأمر يرفع من آمالي كثيراً.”

عمل شركائنا الدؤوب الشجاع في سوريا كان له دور جوهري في تثقيف دليلنا “الفيديو كدليل”، والذي بات الآن متوفراً للتحميل في كلا اللغتين الإنجليزية والعربية. كما أنه ألهم أبحاثنا على المشهد القانوني للفيديو كدليل عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي نتج عنها دليل شامل، متوفر للتحميل باللغتين العربية والإنجليزية، من هنا.



النشرة الإخبارية

مرحبا بكم في النشرة الإخبارية لمنطقة ويتنس و برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا!

.تلقى الأخبار والتحديثات عن اعمالنا في الشرق الأوسط !جنبا إلى جنب مع موارد عملية للتصوير، وتبادل وحفظ الفيديوهات في مجال حقوق الإنسان
.نحن لن نشارك بريدك الالكتروني مع طرف ثالث

الاشتراك

WITNESS Newsletter